العامل الضغير
لم يصل الى عمر السادسه بعد.....يحاول ان يكون رجل.....او هكذا قالوا له......يجب ان يتعب.....ان يشتغل....
لا يجب ان يتواجد في البيت بين النساء.....لا اعتقد انه كان يعرف الفرق يومها بين الرجل والمرأه.....انما اراد ان يكون كما ارادوا ....او كما يجب ان يكون لانه كان يعتقد ان هذا الكلام هو الصحيح....البسوه ثوب الكبار .....اصبح ينام متاخر مثل الرجال.....ياكل مثلهم......يتعب او يعمل على اتعاب نفسه مثلهم لكي لا يشعر بالقصور .....عضلات يديه لم تحتمل......قدميه كانت تتعب......كان يشعر بالجوع كثيرا.....لم يطلب الطعام.....لان موعد الطعام عند الرجال لم يحن بعد......كان يعطش كثيراً......اراد ان يقلد الرجال في تحملهم...تعلم التدخين ....كان يستفرغ ما في بطنه بسبب الدخان....لكنه كان يخفي ذلك عن الجميع لكي لا يظهر مثل الاطفال.....ملابسه لم تكن يوما مثل الاطفال في مثل عمره....كان يلبس ملابس العمال....بل اسوأ من ذلك احياناً....لم يكن يجد الوقت لتغيير ملابسه....او ان معظم ملابسه قد اصبحت ملابس عمال....كان مدير المدرسه ....الاساتذه يوبخونه على ذلك....كانوا يعتقدون انه مهمل في نفسه....مع العلم ان هذا كان كثيرا ما يشعره بالخجل امام زملائه...لم يكن يريد هذا ....كان ينظر الى زملائه في مثل عمره ....يتحسر المسكين...احيانا كثيره كان يبكي عندما يكون وحده.....بسبب الاهمال او بسبب الجوع .....او بسبب التعب .....لكنه لم يفهم ....لم يجد من يشرح له او يعلمه....كان يعتقد انه يفعل المطلوب او اللازم ....تعلم الصبر والتعب صغيراً......تعلم السهر....يفيق باكراً ......التعب كان يبدو عليه في المدرسه ....دراسته تاثرت كثيرا.....كانوا يلومونه بسبب التقصير.....او هكذا كانوا يعتقدون.......كانت علاماته المدرسيه تتهاوى مثل جدار قديم.........اصبحت عمليه نجاحه في صفوف المدرسه تعتمد فقط على نسبه الرسوب التي تحددها هيئه المدرسه.......كان ينجح لان هناك من هو اقل منه في الصف.......كانت النسبه المسموح بها لترسيب الطلاب....اربعه فقط من كل صف دراسي.....كان المسكين دائما ما يكون الخامس او السادس .....لذلك كان يترفع بشكل اجباري لان النسبه فقط هي التي قررت ان يترفع الى الصف التالي.......
اصبح لديه شعور بانه فاشل دراسياً.....لان الفارق بينه وبين زملائه قد ازداد مع الوقت.......كان ضعيف الجسم.....هزيل....
الايام دارت.....الحال بقي كما هو......كل عام يترفع الى الصف التالي حسب النسبه.......الى ان وصل الى الصف التاسع......كانت علاماته في ادنى مستوياتها .....الجميع كان يقترح عليه وعلى اهله ان يغادر المدرسة ويعطي الاهتمام للعمل او للمهنه ......
الصف التاسع كان بمثابه انقاذ للمسكين.......امه قد ماتت ....المسكين بكى على نفسه وعلى امه كثيراً.....كانت تحبه كثيرا.....لكنها لم تكن قادرة على الوقوف الى جانبه.......المسكين استمر في البكاء على امه لاكثر من شهر.....كان ينتظرساعات الليل لكي يبكي على امه......اصبح يشعر انه وحيد بعد فراق امه التي يحبها وتحبه..........
تركوه في تلك السنه ....او انهم قد نسوه بسبب ظروف البيت .....ابوه يبحث عن زوجه......اهتمام اهل البيت ابتعد عن الصغير لمده عام......المسكين......اصبح يجد الوقت الكافي للعب والدراسه.......ذهب الى الاصدقاء.....لم يجد نفسه في اي لعبه كانوا يلعبونها.....لانه كان اكبر منهم بكثير.......كانوا يسايرونه ......كان يلعب وهو سعيد.....او ان مجرد وجوده مع الاولاد قد اعاد له الحياه........اصبح ينام باكراً....
وجد الوقت لكافي للدراسه.......انتهى العام الدراسي.........كانت المفاجأه....لقد حصل على المرتبه الاولى في الصف التاسع.......معقول......الجميع كان يتسائل.....الكثير من الناس غير مصدق.........
شكراً